يشهد الوعي العام في الولايات المتحدة تحولًا ملحوظًا، إذ يظهر استطلاع حديث أن غالبية الأمريكيين باتت تميل أكثر نحو التعاطف مع الفلسطينيين، مقارنة بالإسرائيليين. هذا ما يوضح الكاتب والصحفي نيكولاس كريستوف في تقريره حول نتائج استطلاع جامعة ميريلاند للأبحاث الحساسة، والذي يعكس اتجاهًا متغيرًا في الرأي العام الأمريكي.
أظهر الاستطلاع أن 28% من الأمريكيين أعربوا عن تعاطفهم أكثر مع الفلسطينيين، بينما 22% فقط يميلون إلى إسرائيل. ويميل 26% إلى التوازن بين الطرفين، و12% لا يختارون أيًا منهما، بينما بقي الباقون غير متأكدين. هذا التحول يبرز بشكل واضح بين الشباب من عمر 18 إلى 34 عامًا، إذ أبدى 37% منهم تعاطفًا أكبر مع الفلسطينيين، مقابل 11% مع الإسرائيليين، فيما يميل 19% للتعاطف المتساوي.
انقسام أجيالي
أوضح الاستطلاع، الذي أجرته SSRS عبر لوحة الرأي الخاصة بها بين 29 يوليو و7 أغسطس 2025، أن الفجوة تتسع بين الجمهوريين الأكبر سنًا والأصغر سنًا. ففي الفئة العمرية 35 عامًا فما فوق، قال 52% من الجمهوريين إنهم يتعاطفون أكثر مع الإسرائيليين، بينما بين من تقل أعمارهم عن 35 عامًا، أعلن 24% فقط ذلك.
وتنعكس هذه الفجوة على السياسة أيضًا. على المستوى الوطني، يعتقد 40% أن موقف الولايات المتحدة من الصراع "مائل جدًا لصالح إسرائيل"، مقابل 27% يرونه مناسبًا، و30% غير متأكدين. ويعتبر 63% من الديمقراطيين موقف إدارة ترامب "مائلًا جدًا لإسرائيل"، بينما يرى غالبية الجمهوريين (57%) أن السياسة متوازنة، لكن الفجوة العمرية واضحة: الجمهوريون الأكبر سنًا يميلون أكثر بـ49 نقطة لرؤية السياسة متوازنة، بينما تنخفض النسبة إلى 14 نقطة بين الشباب.
الإبادة أم الدفاع عن النفس؟
حول ما إذا كانت أفعال إسرائيل في غزة تشكل إبادة جماعية، يرى 41% من الأمريكيين ذلك أو ما يقاربها، بينهم 67% من الديمقراطيين مقابل 14% فقط من الجمهوريين. بالمقابل، دافع 22% عن إسرائيل باعتبار أن أفعالها "مبررة في إطار حق الدفاع عن النفس"، و23% ظلوا غير متأكدين. وبين الشباب، ارتفعت نسبة من يعتبرون الأفعال إبادة جماعية إلى 47%.
علق كنيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش وأستاذ جامعة برينستون، بأن التحول يعكس غضبًا من "سلوك إسرائيل الإبادي في غزة والتوسع المستمر للمستوطنات وسياسة الفصل العنصري في الضفة الغربية".
دور الدعم الأمريكي
أشار الاستطلاع إلى أن 61% من الأمريكيين يرون أن الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي الأمريكي يمكّن إسرائيل من استمرار المجازر في غزة، 34% يرونه تأثيرًا قويًا و27% تأثيرًا متوسطًا. وقال 12% إن للدعم الأمريكي تأثير قليل أو منعدم، بينما لم يعرف 26% مدى التأثير.
يتفق معظم الديمقراطيين (72%)، والجمهوريين (57%)، والمستقلين (63%) على هذا الرأي. وعند سؤالهم عن مصالح من تخدمها السياسة الأمريكية، أشار نحو ثلث الأمريكيين فقط إلى أنها تخدم مصالح الولايات المتحدة، فيما يعتقد 25% أنها تخدم إسرائيل، و6% يرونها تصب في مصلحة الدول العربية، و31% لم يحددوا.
تحول تاريخي في الرأي العام
كما يوضح نيكولاس كريستوف، شهدت الولايات المتحدة بعد 7 أكتوبر 2023 تعاطفًا واسعًا مع إسرائيل، لكن سياسات القتل في غزة على يد نتنياهو قلبت المشهد، وجعلت الرأي العام الأمريكي أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين. وتؤكد نتائج جامعة ميريلاند الاتجاه الأوسع، إذ أظهرت أيضًا أن نسبة من يرى أفعال إسرائيل إبادة جماعية ارتفعت من 23% عام 2024 إلى 41% الآن، مع بروز تحول أجيالي قد يعيد تشكيل النقاش حول السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
https://www.trtworld.com/world/article/674090bbfcc0